بينما تتسم حواسيب الجيل الثاني بإستعمال العبورية كعنصر أساسي، فإن الجيل الثالث يتسم بإستعمال المدار المدمج. تتمثل المدارات المدمجة في عناصر إلكترونية صغيرة تقوم بعمليات مختصة (كعمليات عددية أو عمليات مراقبة أو خزن بيانات). يعوض كل مدار مدمج آلاف العبوريات، من حيث الوضيفة التي يقوم بها، بينما يكون حجمه أصغر بكثير من العدد المطابق للعبوريات، و يكون إستغلال الطاقة الكهربائية أقل بكثير من العدد المطابق للعبوريات. بينما أتاخ إختراع العبورية بعث هندسة الإلكترونية، فإن إختراع المدار المدمج أتاح بعث هندسة المعالج الصغير. فإنتشر إستعمال المعالج الصغير ليشمل تطبيقات مختلفة كالمراقبة الآلية للمراكب (قطارات، حافلات، طائرات، مثلا)، و تسيير الآلات المنزلية و مراقبة الآليات و تسيير المفاعلات الكيميائية، إلى غير ذلك.
كان أول حاسوب يمثل هذا الجيل هو حاسوب أي بي أم 360, من صنع شركة أي بي أم. من أهم الأفكار الثورية التي جاء بها هذا الحاسوب هي أنه حاسوب ذات هدف عامّ. أي أنه لم يقع تصميمه لحل مشكلة خاصة أو لتطبيق خاص، كما جرت العادة حتى ذلك الوقت، لكنه صُنع لمجموعة واسعة من المستخدمين، تختلف متطلباتهم و شروطهم. مما يجعل هذا الحاسوب يكتسي أهمية تاريخية كبيرة هو أيضا أنه كان أول فرصة للتعرض لما نسميه اليوم أزمة البرمجيات. فبعثت شركة أي بي أم مشروع صنع عتاد الحاسوب في نفس الوقت الذي بعثت فيه مشروع صنع نظام الإستغلال المرافق للعتاد. فبينما تم إنجاز العتاد في وقته و في نطاق ميزانيته المالية، فإن نظام الإستغلال تجاوز الميزانية المالية المخصصة له، كما تأخر كثيرا في الإنجاز، فأخر بالتالي تسليم الآلات لأصحابها، و تسبب في خسائر كبيرة لشركة أي بي أم. بالرغم من هده الصعوبات الأولية، عرف حاسوب ال أي بي أم 360 نجاحا تجاريا كبيرا، خيث كان يباع منه قرابة الألف نسخة شهريا، فتلاه حاسوب آخر من نفس المعمارية لكنه أرقى، أُطلق عليه إسم أي بي أم 370. تمثل الصورة التالية حاسوب أي بي أم 360.
كان حاسوب أي بي أم 360 يلعب دورا مركزيا في المؤسسات التي تستعمله، سواء كانت مؤسسات تجارية أو صناعية أو تربوية/ جامعية/ بحثية. نظرا لتكاليفه المرتفعة جدا، كان هذا الحاسوب يتحمل جميع الوظائف التي يمكن إسنادها له، كالتطبيقات التصرفية و الهندسية و التجارية و غيرها. فأصبح الناس يشسرون لهذا الحاسوب (و لحواسيب مماثلة) بلفضة الحاسوب المركزي، معتبرين أن كل مؤسسة لا يمكن أن تملك أكثر من واحد.
بعد إصدار حاسوب الأي بي أم 360 بسنة، أي سنة 1965، صنعت شركة داك (شركة العتاد الرقمي) حاسوبا صغيرا، إسمه بي دي بي 8، أقل مقدرة من حاسوب أل360، لكنه أقل ثمنا بكثير. فعرف هذا الحاسوب نجاحا تجاريا كبيرا بفضل بساطته، ثمنه الباهض، م عدد من الأفكار الجديدية المتعلقة بالعمارية و أنظمة الإسغلال.
أسفر نجاح البي دي بي 8 على إهتمام متزايد بالحواسيب الصغيرة، و بالتالي بالحواسيب المتنقلة، أي الحواسيب التي توضع على متن مراكب لتراقب سيرها أو تؤيد تسييرها. ففي سنة 1968 صنعت شركة رايثيون حاسوبا مختصا، حسب تصميم من المعهد التقني لماساشوستس، يتكلف بالقيادة الرئيسة، البحارة و نظام التحكم، التابعة للمراكب الفضائية من سسلة آبولو. وُضع هذا الحاسوب على متن آبولو السابع سنة 1968 لتقوده في دورانه حول الأرض، ثم وُضع على متن آبولو الحادي عشر في رحلته إلى القمر. يختلف هذا الحاسوب المختص عن الحواسيب الأخرى في نفس البرنامج، كالحاسوب الذي يسير صاروخ ساترن الخامس عند إنطلاق المهمة و الحاسوب الذي يتحكم في هبوط المركب القمري على القمر.
شهدت أواخر الستينات عددا من التطورات الهامة في ميدان الحاسوب نذكر منها بالخصوص إختراع لغة باسكال (التي كانت لها أثر عميق على تطور ميدان لغات البرمجة) و تصميم نظام الإستغلال يونكس (الذي مازال يُستعمل في العديد من الأنظمة العصرية). كما شهدت أيضا تصميم و إنجاز أول شبكة حواسيب مرتبطة عبر مسافات طويلة (شبكة أربانات، التي تطورت أفكارها لتصبح الهيكلية التحتية للعنكبوتية العالمية المعروفة حاليا)؛ و شهدت أيضا بعث الوسائل العصرية للمعاملة بين الحاسوب و المستخدم، بما فيها إدخال البيانات / التوجيهات عن طريق الفأرة و نشر البيانات / النتائج عن طريق النوافذ على الشاشة (مما لعب دورا عظيما في تسخير الحاسوب ليصبح في متناول عامية المستخدمين).