تتسم فترة السبعينات من القرن العشرين بعدد من الإختراات و التطورات الجذرية في ميدان المعلوماتية، نبوبها إلى خمسة أبواب.
الباب الأول: المكونات الإلكترونية. بينما كانت حواسيب الجيل الثالث مبنية على أساس المدارات المدمجة، فإن أهم مكون أساسي لحواسيب الجيل الرابع هو المدارات الدقيقة، التي تضع في مساحات صغيرة من عاج السيليكون عشرات آلاف البوابات المنطقية، فتكون مقدرتها في سرعة العمليات و في خزن البيانات تفوق بكثير حواسيب كبيرة سابقة، كانت تفوقها ثمنا و حجما و إستغلالا. دفع هذا الإختراع تصميم الحواسيب في إتجاهين إثنين: الإتجاه الأول يخص الحواسيب الدقيقة، التي أصبحت ممكنة نظرا للحجم الصغير و الثمن الباهض و الإستغلال الضئيل؛ و الإتجاه الثاني هو الحواسيب العضيمة، التي أصبحت ممكنة نظرا لإمكانية المعالجة السريعة و الخزن الواسع النطاق. نظر في هذين الإتجاهين فيما يلي.
الباب الثاني: الحاسوب الدقيق. في سنة 1974، قام مهندسان إسمهما ويليام غاتس و بول آلان بإنجاز مصرف لحاسوب صغير، بُني على أساس مدار دقيق من شركة إنتال. في نفس السنة، قام مهندسان إسمهما ستيفن جوبس و ستيفن فوسنياك بصنع حاسوب صغير أطلقوا عليه إسم آبل الأول؛ يتبعه بعد سنتين حاسوب آخر سنة 1976 إسمه آبل الثاني. نظرا لثمنه الباهض و لوجود برمجيات أساسية له، نال الآبل الثاني (الصورة المجاورة) نجاحا تجاريا كبيرا، خاصة لدى المؤسسات التربوية و الجامعية. يحتوي هذا الحاسوب على أهم العناصر التي يتسم بها الحاسوب الشخصي العصري، بما فيها لوحة المفاتيح و الشاشة و وحدات القرص، إلخ. كما نعلم اليوم، كان مجهود ويليام غاتس و بول آلان أول خطوة في تأسيس شركة مايكروسوفت، و كان مجهود ستيفن جوبس و ستيفن فوسنياك أول خطوة في تأسيس شركة آبل. تأسست هذه الشركتان سنة 1976.
الباب الثالث: الحاسوب العظيم. بينما إستغل المهندسون المشار إليهم أعلاه السعر المنخفض و الحجم الصغير و الإستهلاك الضئيل للمدارات الدقيقة لبناء حواسيب شخصية، إستغل المهندس سيمور كراي مقدرة هذه المدارات في المعالجة السريعة و خزن البيانات الضخمة لصنع حاسوب عضيم، سنة 1976، سماه كراي الأول. تتكون هذه الآلة من 1662 لوحة إلكترونية و تقوم بما لا يقل عن 800 مائة مليون عملية عددية في الثانية. بُني هذا الحاسوب في شكل نصف دائرة (كما نرى في الصورة المجاورة) لكي تكون المكونات التي تتبادل الكثير من المعلومات بجانب بعضها بعضا. توضع اللوحات الإلكترونية في الأبراج العمودية، بينما تختص الوحدات السفلى في تبريد الآلة بضخ سائل الفريون بين اللوحات الإلكترونية بإستمرار. كانت هذه الآلة تزن 5.5 طنا، بما فيها سائل الفريون المُستعمل في التبريد، و كانت تستهلك 115 ألف واط من الطاقة الكهربائية، مع أن ذاكرتها تستعيب مليون كلمة ذات 64 ثنائي. كانت تختص هذه الآلة، طبعا، في البرامج العددية، و كانت مزودة بنظام إستغلال مماثل ليونكس و بمصرف للغة فرطران. كان مخبر لوس آلاموس التابع لوزارة الطاقة الأمريكية أول من تسلم نسخة من هذه الآلة، إذ أن هذا المخبر يحتاج لمقدرة عملية كبيرة في تطبيقات مثل النمذجة و التكهن و تحليل المفاعل النووي، إلخ.
الباب الر ابع: لغات البرمجة. واصل الباحث كان طومسن أشغاله على نظام الإستخدام يونكس، فعندما أراد تحويل هذا النظام إلى حواسيب أخرى دون الحاسوب الذي وُضع عليه في البداية، وجد أن كل لغات البرمجة الموجودة أنذاك غير لائقة لهذا الغرض. فإخترغ لغة برمجة جديدة ألقى عليها إسم سي و إستعملها ليكتب 90 بالمائة من نظام الإستغلال. أصبحت هذه اللغة سائدة في أوساط البحث و التعليم و الممارسة، فتولدت عنها لغات أخرى مثل سي++ و جافا و غيرها.
الباب الخامس: الشبكات. في نطاق شبكات الحواسيب، قام باحثون في مخبر زيروكس بارك معمارية للشبكات المحلية عُرفت بإسم إيثرنت (شبكة الأثير). فتبنت المجموعة هذه المعمارية كمعيار في هذا الميدان