قام الباحثان جوهن آتاناسوف و كلفورد باري بإنجاز أول حاسوب إلكتروني في جامعة آيُوَا ستات بالولايات المتحدة من سنة 1937 إلى سنة 1942، و كان تصميمهم يجسم أهم الأفكار المعاصرة في صنع الحواسيب، بما فيها إستعمال أنابيب الفراغ و التمثيل الثنائي للبيانات و التصميم المنطقي للمدارات الإلكترونية. من سنة 1943 إلى سنة 1946 قام باحثان آخران من جامعة بنسيلفانيا بالملايات المتحدة، براسبر آكارت و جوهن موشلي، بتصميم حاسوب آخر يستعمل نفس الوسائل التقنية، فأطلقوا عليه إسم الإينياك. كان هذا الحاسوب يتكون من 18000 أنبوب فراغ و 70000 أنبوب مقاومة، فكان يزن ثلاثين طنا و يستهلك طاقة كهربائية تتجاوز المائة و ستين ألف واطّ. كانت هذه الآلة تقوم بعمليات عددية بسرعة تفوق سرعة مارك الأول بألف مرة، لكنها كانت تتعطل كثيرا بسبب تعطل أنابيب الفراغ العديدة. هذا، و كانت أيضا تتلقى البيانات الواردة عن طريق عملية بطيئة جدا تتمثل في تغيير المدارات الإلكترونية للحاسوب، مما يحول دون إستغلال السرعة النسبية المرتفعة لوحدة الحساب و يجعل عملية البرمجة معرضة للأخطاء.
تفاديا لهذا العيب الكبير في تصميم حاسوب آكارت و موشلي، تقدم العالم الأمريكي جون فون نويمان بمعمارية تنص على أن يقع تأليف و طبع البرنامج خارج الحاسوب، مع إدخاله عند التنفيذ و خزنه في ذاكرة الحاسوب قصد تنفيذه. تنص هذه المعمارية على عدد من الأفكار الجذرية، منها أن الحاسوب يتكون من وحدة معالجة و وحدة ذاكرة و وحدات توريد و إصدار البيانات و هيكلية تحتية تتحمل تبادل البيانات و البرامج بين هذه الوحدات. أُطلق على هذه المعمارية أسم معمارية فون نويمان، و مازالت سائرة المفعول إلى يومنا هذا.
نقول عن الحواسيب المذكورة في هذا الجزء، و التي تتسم بأنها مصنوعة من أنابيب الفراغ، أنها حواسيب الجيل الأول. أشهر حاسوب يمثل هذا الجيل هو حاسوب الإينياك، الذي نمثله في الصورة الموالية